النبي كما وصفه الأخرون ما قاله غير المسلمين بحق النبي
بسم الله الرحمن الرحيم
إليكم فيما يلي بعض اقوال من هم من غير المسلمين قديماً وحديثاً من الشرق والغرب في رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم.
قول النضر بن الحارث وهو من سادة قريش ومن أكبر المعارضين للنبي الكريم :
النضر بن الحارث، كان من سادة قريش، وكان من أكبر المعارضين للنبي صلى الله عليه وسلم
ألقى يوماً خطاباً في جمع من قريش، وقال :
” يا معشر قريش، إنه واللهِ قد نزل بكم أمر ما أتيتم به بحيلة بعد، كان محمد فيكم غلاماً حدثاً، أرضاكم خلقاً، وأصدقكم حديثاً، وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب، وجاء بما جاءكم به قلتم : ساحر، لا واللهِ ما هو بساحر، لقد رأينا السحرة وعقدهم، وقلتم : كاهن، لا واللهِ ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهنة وتخالجهم، وسمعنا سجعهم، وقلتم : شاعر، لا واللهِ ما هو بشاعر، لقد رأينا الشعر، وسمعنا أصنافه كلها، هزجه وزجزه، وقلتم : مجنون، لا واللهِ ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون فما هو بخنقة، ولا وسوسة، ولا تخليطة، يا معشر قريش، فانظروا في شأنكم، فإنه واللهِ قد نزل بكم أمر عظيم”.
هذا أحد أكبر المعارضين للنبي نفى أن يكون شاعراً، أو ساحراً، أو كاهناً، وما شاكل ذلك.
موقف هرقل من النبي محمد صلى الله عليه وسلم :
الشيء الدقيق جداً أن حواراً رائعاً جرى بين هرقل الروم وبين بعض زعماء قريش من المعارضين للنبي صلى الله عليه وسلم، بعدما تسلم هرقل رسالة من النبي يدعوه فيها إلى الإسلام، هرقل سأل عما يعرفه من أهل وطنه، فجيء إليه ببعض التجار من المعارضين للنبي من مكة .
فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ، وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ،
فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَباً بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : فَقُلْتُ : أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَباً،
فَقَالَ : أَدْنُوهُ مِنِّي، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ، فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ،
ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ : قُلْ لَهُمْ : إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ، فَوَ اللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِباً لَكَذَبْتُ عَنْهُ، ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ
قَالَ : كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ ؟ قُلْتُ : هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ،
قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ ؟ قُلْتُ : لَا،
قَالَ : فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: لَا،
قَالَ : فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ ؟ فَقُلْتُ : بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ،
قَالَ : أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ ؟ قُلْتُ : بَلْ يَزِيدُونَ،
قَالَ : فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ ؟ قُلْتُ: لَا،
قَالَ : فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ : لَا،
قَالَ : فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ : لَا، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا، قَالَ : وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئاً غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ،
قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ ؟ قُلْتُ: نَعَمْ،
قَالَ : فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ ؟ قُلْتُ: الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنَّا، وَنَنَالُ مِنْهُ،
قَالَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ ؟ قُلْتُ : يَقُولُ : اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصِّدْقِ، وَالْعَفَافِ، وَالصِّلَةِ، فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ : قُلْ لَهُ :
سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا،
وَسَأَلْتُكَ : هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلْتُ: رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ،
وَسَأَلْتُكَ : هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، قُلْتُ : فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ : رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ،
وَسَأَلْتُكَ : هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ، وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ،
وَسَأَلْتُكَ : أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ،
وَسَأَلْتُكَ : أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الْإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ،
وَسَأَلْتُكَ : أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ،
وَسَأَلْتُكَ : هَلْ يَغْدِرُ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ،
وَسَأَلْتُكَ : بِمَ يَأْمُرُكُمْ ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ، وَالصِّدْقِ، وَالْعَفَافِ،
فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقّاً فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ
هذا كلام هرقل بأسئلة دقيقة جداً، واستنباطات رائعة جداً،
يقول أحد كتاب السيرة الغربيين وهو ليس من المسلمين:
“كان محمد عابداً متحنثاً،
وقائداً فذاً، شيّد أمة من الفتات المتناثر،
وكان رجل حرب يضع الخطط، ويقود الجيوش،
وكان أباً عطوفاً، وزوجاً تحققت فيه المودة والرحمة والسكن،
وكان صديقاً حميماً، وقريباً كريماً، وجاراً تشغله هموم جيرانه، وحاكماً تملأ نفسه مشاعر محكوميه، يمنحهم من مودته وعطفه ما يجعلهم يفتدونه بأنفسهم، ومع ذلك فهو قائم على أعظم دعوة شهدتها الأرض، الدعوة التي حققت للإنسان وجوده الكامل، وتغلغلت في كيانه كله،
ورأى الناس الرسول الكريم تتمثل فيه هذه الصفات الكريمة، فصدقوا تلك المبادئ التي جاء بها كلها، ورأوها متمثلة فيه، لم يقرؤوها في كتاب جامد، بل رأوها في بشر متحرك، فتحركت لها نفوسهم، وهفت لها مشاعرهم، وحاولوا أن يقتبسوا قبسات من الرسول الكريم كل بقدر ما يطيق، فكان أكبر قدوة للبشرية في تاريخها الطويل، وكان هادياً ومربياً بسلوكه الشخصي، قبل أن يكون بالكلم الطيب الذي ينطق به “.
ويقول الباحث البريطاني كارييل:
“إن التشكيك في صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ودينه يعد اليوم عاراً كبيراً، وإن علينا الرد على مثل هذه الآراء الغير صحيحة، والأقوال التي لا معنى لها، فعلى الرغم من مرور القرون على بعثة هذا النبي ما يزال مئات الملايين من المسلمين في العالم يستضيئون بنور الرسالة” .
ويقول أستاذ جامعي أميركي:
“لقد أدرك محمد صلى الله عليه و سلم أهمية الاتحاد وعلو منزلة المجتمع الموحد في بعثته الإسلامية، وبذلك زرع بيديه بذور الاتحاد والمودة في نفوس المسلمين، وسقاها وتعهدها بالرعاية حتى أعطت ثماراً حلوة المذاق “.
ويقول ميلر الكاتب البريطاني المعروف:
“إن بعض الديانات تهتم بالجوانب الروحية من حياة البشر، وليس لديها في تعليماتها أي اهتمام بالأمور السياسية، والقانونية، والاجتماعية، ولكن محمداً صلى الله عليه وسلم، ببعثته وأمانته الإلهية كان نبياً، وكان رجل دولة، ومقنناً، أي واضعاً للقوانين، وقد اشتملت شريعته على أحكام وقوانين مدنية، وسياسية، واجتماعية”.
ويقول الكاتب والباحث الغربي ريتين:
“منذ بزوغ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وسطوع شمس الإسلام أثبت هذا النبي أن دعوته موجهة للعالمين، وإن هذا الدين المقدس يناسب كل عصر، وكل عنصر، وكل قومية، وأن أبناء البشر في كل مكان، وفي ظل أيّة حضارة لا غنى لهم عن هذا الدين الذي تنسجم تعاليمه مع الفكر الإنساني” .
ويقول المسيو جان الكاتب والعالم السويسري المعاصر:
“لو أمعنا النظر في أسلوب حياة محمد صلى الله عليه وسلم، وأخلاقه، على الرغم من مرور أربعة عشر قرناً على بعثته، لتمكنا من فهم كنه العلاقة التي تشد ملايين الناس في العالم لهذا الرجل العظيم، والتي جعلتهم وتجعلهم يضحون من أجله، ومن أجل مبادئه الإسلامية السامية، بالغالي والرخيص والنفس والنفيس” .
ويقول الفيلسوف الروسي تولستوي:
أما الفيلسوف الروسي تولستوي الذي أعجب بالإسلام وتعاليمه في الزهد، والأخلاق، والتصوف، فقد انبهر بشخصية النبي صلى الله عليه وسلم، وظهر ذلك واضحاً على أعماله، يقول: في مقالة له بعنوان “مَن هو محمد ؟” :
“إن محمداً هو مؤسس ورسول، وكان من عظماء الرجال الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة، ويكفيه فخراً أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق، وجعلها تجنح إلى السكينة والسلام، وتؤثر عيشة الزهد، ومنعها من سفك الدماء، وتقديم الضحايا البشرية، وفتح لها طريق الرقي والمدنية، وهو عمل عظيم لا يقدم عليه إلا شخص أوتي قوة، ورجل مثله جدير بالاحترام والإجلال” .
ويقول عنه أيضاً تولستوي:
“ليس هناك من شك في أن محمداً صلى الله عليه وسلم، نحن إذا ذكرنا محمداً نصلي عليه فالصلاة مدرجة في النص، قدم ببعثته خدمة كبيرة للبشرية، فهي فخر وهدى للناس، وهي التي أرست دعائم الصلح، والاستقرار، والرخاء، وفتحت طريق الحضارة، والرقي للأجيال، وبديهي أن ما فعله محمد صلى الله عليه وسلم هو عمل عظيم لا يفعله إلا شخص مقتدر ذو عزم رصين، ومثل هذا الشخص وبلا شك يستحق كل إكرام وتقدير واحترام” .
ويقول مفكر آخر رفع لواء لا إله ـ أي ملحد ـ :
“الحقيقة أن محمداً قد جاء برسالة لا يمكن إنكارها، وهي خلاصة الرسالات السابقة، بل وتعلو عليها، بناء على هذا فإن رسالته للعالم دستور ثابت، وما جاء به محمد وأقواله تنسجم وذوق البشر، وإدراك بني الإنسان في هذا العصر” .
ويقول العالم الإيطالي واكستون:
” لو سألني أحدهم فقال : من هو محمد الذي تمدحه كل هذا المديح ؟ لقلت له بكل أدب واحترام: إن هذا الرجل المشهور، وإن هذا القائد الذي لا نظير له، علاوة على كونه مبعوثاً من الله، هو رئيس حكومة إسلامية، كانت ملجأ وملاذاً لكل المستضعفين والمسلمين، وحامية لمصالحهم الاجتماعية، فإن محمداً الذي يعد باني ومؤسس تلك الحكومة كان قائداً سياسياً بكل ما لهذه الكلمة من معنى” .
ويقول الكاتب الفرنسي كورسيه :
“عندما نهض محمد بدعوته، وقبل وبعد انطلاق بعثته كان شاباً شجاعاً شهماً، يحمل أفكاراً تسمو على ما كان سائداً من أفكار في مجتمعه،
وقد تمكن محمد صلى الله عيه وسلم بسمو أخلاقه من هداية عرب الجاهلية المتعصبين، الذين كانوا يعبدون الأصنام إلى عبادة الله الواحد الأحد،
وفي ظل حكومته الديمقراطية الموحدة تمكن من القضاء على كل أشكال الفوضى، والاختلاف، والاقتتال، التي كانت شائعة في جزيرة العرب،
وأرسى بدل ذلك الأخلاق الحميدة محولاً المجتمع العربي الجاهلي المتوحش إلى مجتمع راق ومتحضر” .
ويقول المؤرخ الأوروبي جيمس:
في مقال تحت عنوان ” الشخصية الخارقة ” عن النبي صلى الله عليه وسلم:
“وقد أحدث محمد عليه السلام بشخصيته الخارقة للعادة ثورة في الجزيرة العربية، وفي الشرق كله، فقد حطم الأصنام بيديه، وأقام ديناً خالداً يدعو إلى الإيمان بالله وحده” .
ويقول الفيلسوف الفرنسي كارديفو:
” إن محمداً كان هو النبي الملهم والمؤمن، ولم يستطع أحد أن ينازعه المكانة العالية التي كان عليها، إن شعور المساواة والإخاء الذي أسسه محمد بين أعضاء الكتلة الإسلامية كان يطبق عملياً حتى على النبي نفسه”.
ويقول الفيلسوف البريطاني توماس كاريل:
وقد خصص من كتابه فصلاً لنبي الإسلام بعنوان : ” البطل في صورة رسول “، عدّ فيه النبي صلى الله عليه وسلم واحداً من العظماء السبعة الذين أنجبهم التاريخ، وقد ردّ هذا المؤلف مزاعم المتعصبين فقال :
“يزعم المتعصبون أن محمداً لم يكن يريد بقيامه إلا الشهرة الشخصية ومفاخر الجاه والسلطان، كلا والله، لقد كان في فؤاد ذلك الرجل الكبير ابن القفار والفلوات، المتورد المقلتين، العظيم النفس، المملوء رحمة، وخيراً ،وحناناً، وبراً، وحكمة، وحجىً، أفكار غير الطمع الدنيوي، ونوايا خلاف طلب السلطة والجاه، كيف لا، وتلك نفس صامتة، ورجل من الذين لا يمكنهم إلا أن يكونوا مخلصين جادين”.
ويقول مؤلف كتاب “المئة الأوائل” :
هذا الرجل درس تاريخ البشرية، واختار من بين عظماء البشرية على مرّ التاريخ مئة، سمى الكتاب “المئة الأوائل”، جعل محمداً صلى الله عليه وسلم على رأس المئة في التاريخ قال:
“هو الإنسان الأول من بين المئة الأوائل في تاريخ البشرية كلها من حيث قوة التأثير، ومن حيث نوع التأثير، ومن حيث امتداد أمد التأثير، ومن حيث اتساع رقعة التأثير” .
من حيث القوة، والنوع، والامتداد، والرقعة.
وصف لجانب من شخصية النبي العظيم لأحد كتَّاب السيرة من المسلمين :
نختم هذه الخطبة بكلمة لأحد كتاب السيرة المسلمين، هو النص الوحيد الإسلامي، يصف شخصية النبي التعاملية، يقول هذا الكاتب :
” كان صلى الله عليه وسلم جمّ التواضع، وافر الأدب، يبدأ الناس بالسلام، ينصرف بكله إلى محدثه صغيراً كان أو كبيراً، يكون آخر من يسحب يده إذا صافح، وإذا تصدق وضع الصدقة بيده في يد المسكين، وإذا جلس جَلس حيث ينتهي به المجلس، لم يُرَ ماداً رجليه قط، ولم يكن يأنف من عمل لقضاء حاجته أو حاجة صاحب أو جار، وكان يذهب إلى السوق، ويحمل بضاعته بيده، ويقول: أنا أولى بحملها، وكان يجيب دعوة الحر والعبد والمسكين، ويقبل عذر المعتذر، وكان يرفو ثوبه، ويخسف نعله، ويخدم نفسه، ويعقل بعيره، ويكنس داره، وكان في مهنة أهله ـ أي في خدمة أهله ـ وكان يأكل مع الخادم، ويقضي حاجة الضعيف والبائس، يمشي هوناً، خافض الطرف، متواصل الأحزان، دائم الفكر، لا ينطق من غير حاجة، طويل السكوت، إذا تكلم تَكلم بجوامع الكلم، وكان دمثاً، ليس بالجاحد ولا المهين، يعظم النعم وإن دقت، ولا يذم منها شيئاً، ولا يذم مذاقاً ـ أي طعاماً ـ ولا يمدحه، ولا تغضبه الدنيا، ولا ما كان لها، ولا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها، إذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غضّ بصره، وكان يؤلف ولا يفرق، يقرِّب ولا ينفر، يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، يتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، يحسن الحسن ويصوبه، ويقبح القبيح ويوهنه، ولا يقصر عن حق ولا يجاوزه، ولا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، من سأله حاجة لم يرده إلا بها، أو ما يسره من القول، كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب ولا فحاش، ولا عياب ولا مزاح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يخيب فيه مؤمله، كان لا يذم أحداً، ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجى ثوابه، يضحك مما يضحك منه أصحابه، ويتعجب مما يتعجبون، ويصبر على الغريب وعلى جفوته في مسألته ومنطقه، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوزه”.
والحمد الله رب العالمين
منقول عن: خطبة الجمعة (1140): خ1 -ما قاله غير المسلمين في حق سيد المرسلين،
خ 2 – المكتبة المنزلية. لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2010-02-19
0 التعليقات:
إرسال تعليق