بسم الله الرحمن الرحيم
الدين في جميع نواحي الحياة :
نحن عندنا مشكلة ، أن معظم المسلمين يتوهمون أن الإسلام صوم وصلاة ، وحج ، وزكاة، وعمرة، يصوم رمضان ، ويصلي الخمسة أوقات ، والإسلام في واد ، وهو في واد ، إذا لم تعتقد، والله لا أبالغ أن الإسلام يبدأ من فراش الزوجية ، وينتهي بالعلاقات الدولية ، كسب أموالك، معاملتك لمن دونك ، إخلاصك في عملك.
يمكن أن تكون صاحب معمل لمواد غذائية للأطفال ، يمكن أن تشتري مواد انتهت صلاحيتها بثلثي قيمتا ، ولا تحاسب ، تحاسب إذا عرضتها للبيع ، والصلاحية منتهية ، أما إذا جئت بها إلى المعمل، وأدخلتها في الآلات ، فالمادة التي انتهت مفعولها ضاعت هذه المخالفة بجعلها بضمن التصنيع، يمكن أن تشتري مواد أولية انتهى مفعولها ، وانتهت صلاحيتها ، بثلثي قيمتها، وتربح أرباحاً طائلة، هل تظن أن الله لا يحاسبك ، مستحيل، صدقوا أيها الإخوة أن الدين ليس في المسجد ، أنت هنا في المسجد من أجل أن تأخذ تعليمات الصانع .
الدين في بيتك ، في دكانك ، في مكتبك التجاري ، في مخبر تحليل الدم ، يمكن أن تتفق مع طبيب، يعطيك 8 تحاليل ، مطلوب فقط أول واحد ، وقيمة السبعة مناصفة بينه وبين صاحب المخبر، هل تظن أنك تنجو من عذاب الله ؟
أنت محامٍ تقول للموكل : القضية سهلة جداً، خذها مني، وعندك إمكان أن تؤجل الدعاوى 8 سنوات ، وبعد هذا تفاجئه ، بالنهاية أن القاضي انحاز إلى خصمك ، ماذا تفعل ؟ أنت لم تدفع كثيرًا، هل تظن أنك تنجو من عذاب الله ؟
يمكن أن تدرس ، وتضع أسئلة فوق طاقة الطلاب، والكل أصفار، هم يحتاجون الآن إذاً إلى درس خصوصي، وأنت جاهز للدرس الخصوصي، هل يمكن أن تنجو من عذاب الله ؟
يمكن لطبيب زارك في المستشفى الحكومي ، والدواء مجاني ، تقول له : لا بد من دواء آخر غير هذا الدواء ، تعال إلى العيادة ، هو فقير ، يمكن أن تهرب دواء إلى بلد مجاور ثمنه 13 ليرة يرجع بـ300 ليرة ؟ هو الدواء مدعوم ، لأن الدخل قليل ، تجمع الأدوية ، وتأخذها لبلد مجاور تأتيك بشكل تهريب دواء مهرب بـ300 ليرة ، وتنجو من عذاب الله ؟
أين الدين ؟ الدين بعيادتك ، بمخبرك ، بمكتب الهندسة بالبقالية ، بالزراعة،
يمكن أن تأتي بهرمون مسرطن ، يكبر الثمرة ، يعطي ألوانًا زاهية ، هذا كله مسرطن ، ممنوع بالعالم كله ، يأتي تهريب يضعه الفلاح ، يقول لك : تزداد الغلة ، أين الدين ؟
يمكن أن يكون الواحد عاملا بمطعم ، ومعه وباء كبدي قاتل ، إذا لم ينظف يديه تماماً يمكن أن يسبب هذا الوباء القاتل لـ 300 من رواد المطعم ، أين الدين ؟
هذا الدين ، الدين بالمطعم ، لو فرضنا صاحب محل بقالية وجد فارة في الزيت ، له أن يبيع الزيت ثاني يوم ، يسحبها ويبيع ، أما المؤمن فستحيل .
الحياة لا تنتظم إلا بالإيمان
أنا أقول : إن الحياة لا تنتظم إلا بالإيمان ، وعندنا مشكلات لا تعد ولا تحصى ، كلها ناتجة عن ضعف مراقبة البشر لربهم ، فأقول : الدين ليس في المسجد ، الدين في عملك ، وفي بيتك ، وفي تربية أولادك ، وفي صدقك في التعامل
النبي عليه الصلاة والسلام ضغط الاستقامة كلها بكلمة واحدة ، قال :
(( أطب مطعمك )) .[رواه الطبراني عن ابن عباس]الواحد يكثر السمن البلدي ؟ يكثر اللحم في الكل ؟ لا ، اكسب مالاً حلالاً ، لأنك مستقيم في تعاملك ، المال الحلال إذا اشتريت به طعاماً هذا الطعام هو الطيب .
والله زرت والد صديق لي من سنوات عديدة ، الآن توفي رحمه الله ، فهو عمره 96 سنة ، قال لي بالحرف الواحد : أنا البارحة أجريت تحليلات كاملة للدم والبول ، قال لي : كله طبيعي ، 96 سنة ! كله طبيعي ، قال لي : والله لم آكل قرشًا حرامًا في حياتي ، ولا أعرف الحرام .
الله موجود ، استقيموا ، اصدق في التعامل ، الله عز وجل لا يضيعنا أبدا ، يرزقنا ، لكن أنت مرتاح.
منهج الله موضوع واحد يتطابق تماماً مع العقل
الحرام يحجبك عن الله ، والحلال ، بجعلك قريباً من الله عز وجل .
إذاً بعد أن تؤمن بالله ينبغي أن تتحرى الحلال والحرام.
أنت بالكون تعرف الله ، وبالشرع تعبد الله .
لذلك قال الله تعالى في القرآن الكريم:
(وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)هنا سؤال : لمَ لم يقل الله عز وجل : ذلك وصاكم بها ؟ لأنه جمع :
(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ)بها ، جمع ، لأنه قال : ( بِهِ ) ، لأن منهج الله موضوع واحد ، أن تخافه ، فإذا خفته طبقت أمره تماماً ، ( ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) .
ماذا نفهم من هذا الربط ؟ ( ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ ) ، هذا منهج ، هذا نقل ، ( لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) ، عقل، منهج الله عز وجل يتطابق مع العقل 100 % ، لأن المنهج وحيه ، والعقل مقياس أودعه الله فينا، تطابق العقل مع النقل حتمي، فإذا تعارضا فلعدم حدية أحدهما، ( ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) .
والحمد الله رب العالمين
منقول عن: تفسير سورة الأنعام ( 06 ) الدرس 69 التاريخ : 30/06/2006 – تتمة الآية : 151– لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي .
0 التعليقات:
إرسال تعليق