رئيس القضاء الأعلى: نتعرض لهجمة شرسة.. والعدالة على المحك
كتب وائل على ٣١/ ١٠/ ٢٠١١
أكد المستشار حسام الغريانى، رئيس محكمة النقض، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، أن مصر الآن تمر بفترة انتقالية نموذجية، سقط فيها النظام الحاكم ولم يستقر الأمر بعد فيها لنظام حكم جديد، نظراً لعدم وجود دستور ولا حكومة منتخبة ولا برلمان، مشيراً إلى أنها مرحلة مخاض نتمنى أن يولد منها وليد مكتمل الخلقة وليس مشوهاً. وقال الغريانى، أمس، خلال مشاركته فى مؤتمر «العدالة الانتقالية فى مصر والعالم العربى: التحديات والفرص»، الذى ينظمه مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالتعاون مع المركز الدولى للعدالة الانتقالية على مدار يومين: «تمر البلاد بصراع بين قوى الثورة التى تريد الانتقال إلى الديمقراطية، وبين قوى قديمة معروفة تقف حائلاً أمام تحقيق ذلك». وأضاف: «نظام العدالة لدينا يقف على المحك»، مشدداً على أنه يمثل الضابط الوحيد لعبورنا المرحلة الانتقالية، نظراً لسقوط السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولم تبق لدينا سوى السلطة القضائية والجيش المترقب.
وتابع: «هناك ٣ إشكاليات تواجه السلطة القضائية، أولاها أن الثوار لم يعلقوا المشانق، كما فعل ثوار فى دول أخرى، ولم يصادروا الأموال، وتركوا ذلك كله للقضاء، لتحقيق العدالة التى تشمل إجراءات قضائية تكفل حق الدفاع وتصون آدمية من يحاكم».
وواصل «الغريانى»: «المشكلة أن الشعب فى الميادين حكم وعقد محاكمات شعبية وهتف، وارتفعت الحناجر تدين الجميع دون انتظار أحكام القضاء، موضحاً أن مشكلة القاضى أنه ينظر القضية بينما الشعب حكم فيها، وهذا مأزق لا يتحمله ضمير القاضى.
وانتقد «الغريانى» الهجمة الشرسة التى يتعرض لها القضاء وقال: «القضاة يسعون إلى استقلال السلطة القضائية ونتعرض لهجمة شرسة وغريبة، لم تحدث فى بلد من قبل، مشيراً إلى أن هذا المأرق الثلاثى الذى يواجه العدالة فى بلادنا يستلزم جهوداً حقيقية خلال المرحلة الانتقالية، وقال رغم التشاؤمات الموجودة لدى البعض فإنه يحتفظ ببعض التفاؤل.
وأكدت ممثلة المفوضية السامية لحقوق الإنسان لوسى فبيرسما أن الأمم المتحدة تعمل على دعم وإرساء نظام العدالة الانتقالية فى الدول التى تشهد ثورات، خاصة مصر، بهدف الخروج الآمن إلى مرحلة التحول الديمقراطى.
وكشفت «فبيرسما» عن وجود مفاوضات مع الحكومة المصرية لاعتماد مكتب للمفوضية السامية فى مصر، بعد افتتاح مكتب جديد لها فى تونس، ولفتت إلى أن المفوضية أرسلت عدداً من لجان تقصى الحقائق إلى تونس ومصر وليبيا واليمن خلال وعقب اندلاع الثورات بها، لرصد ما شهدته تلك البلاد من انتهاكات خلال الثورة.
وقالت «فبيرسما» إنه، وعلى مدار العقود الثلاثة الماضية، كانت العدالة سمة أساسية فى قوانين حقوق الإنسان، وإن الهدف منها تحقيق العدالة وتعويض الضحايا والإصلاح المؤسسى، ودعم الشعوب التى تخرج من الأنظمة القمعية، من خلال العدالة والمصالحة وغيرهما، ولفتت إلى أن إشكالية المصالحة ألا يسامحوا من ظلمهم، لأن مظالم الماضى تتجاوز آليات العدالة الانتقالية.
وأكد رئيس المركز الدولى للعدالة الانتقالية ديفيد تولبيرت أن ما يحدث الآن فى مصر حدث مهم بالنسبة لها وللمنطقة العربية، مشدداً على دعم المركز لمصر ودول شمال أفريقيا خلال مراحل التحول الديمقراطى والمعنى به مصر والمصريون، الذين عليهم دفعه والمضى قدماً فيه.
ووصف «تولبيرت» الثورة المصرية بأنها أنارت أرجاء العالم وعليها أن تشهد أحداثاً تدفعها دفعة تقدمية، وتابع: «عليكم مسؤوليات كثيرة لتحقيق المشروعية الكاملة لمصر»، وشدد على أهمية نجاح الفترة الانتقالية فى مصر بالنسبة لكثير من دول العالم. وطالب «تولبيرت» القائمين على السلطة بدعم وخلق الثقة لدى المجتمع لكى يتقدم خلال عمليات الإصلاح المؤسس لجميع أجهزة الدولة، بشكل خاص الجهاز الأمنى.
وقال يجب إن تكون هناك إصلاحات فى المؤسسات، التى ارتكبت انتهاكات لأنه فى كثير من الأحيان تتم معاقبة شخص واحد، ويترك الباقون، ولفت إلى أن الإصلاح المؤسسى فى الجيش والشرطة مهم جداً لضمان عدم ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان من جانب بعض العناصر، وقال: «الأمر متروك للشعب المصرى» ولفت «تولبيرت» إلى أن هناك أركاناً وزوايا جيدة لعملية التحول الانتقالى التى تشهدها مصر الآن، منها وجود قضاة لهم تاريخ فى استقلال القضاء.
وأكد بهى الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أنه لولا الثورات التى تجرى فى العالم العربى لظل الحديث عن العدالة الانتقالية داخل قاعات الدرس لطلاب الماجستير والدكتوراه فى القانون، وشدد على أن سؤال العدالة الانتقالية صار أكثر تعقيداً خلال المرحلة الحالية بعد أن اتسعت لتشمل عوامل جديدة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق